الثالث أسفار الشيخ الكليني
الثالث: أسفار الشيخ الكليني
بذل الشيخ الكليني رحمهالله جهداً مميّزاً في تأليف كتاب الكافي وتصنيفه بعد عمليّة جمع وغربلة واسعة لما روي عن أهل البيت عليهمالسلام في اصول الشريعة وأحكامها وآدابها ، كما يشهد بذلك تلوّن الثقافة الإسلاميّة الواسعة المحتشدة في كتاب الكافي اصولاً وفروعاً وروضة ، ومن الواضح أنّه ليس بوسع كُلَيْن تلك القرية الصغيرة تلبية حاجة الكليني لتلك المهمّة الخطيرة ، ومن هنا تابع رحلته وعزم على سفر طويل لطلب العلم ، خصوصاً وأنّه لابدّ من الرحلة في ذلك الوقت في طلب العلم ؛ لاكتساب الفوائد والكمال بلقاء المشايخ ومباشرة الرجال ، كما يقول ابن خلدون [١] ، ولهذا لم يكتف أحد من علماء الحديث وأقطابه في حدود مدينته.
ولهذا طاف الكليني في الكثير من حواضر العلم والدين في بلاد الإسلام ، وسمع الحديث من شيوخ البلدان التي رحل إليها. فبعد أن استوعب ما عند مشايخ كُلَيْن من أحاديث أهل البيت عليهمالسلام اتّجه إلى الريّ لقُربها من كُلَيْن ، فاتّصل بمشايخها الرازيّين ، وحدّث عنهم. ولا يبعد أن تكون الريّ منطلقَه إلى المراكز العلميّة المعروفة في بلاد العجم ، ومن ثَمَّ العودة إلى الريّ ؛ إذ التقى بمشايخ من مدن شتّى وحدّث عنهم ؛ فمن مشايخ قم الذين حدّث عنهم : أحمد بن إدريس ، وسعد بن عبدالله بن أبي خَلَف الأشعري ، وغيرهما. كما حدّث عن بعض مشايخ سمرقند ـ كمحمّد بن عليّ الجعفري ـ ونيسابور ـ كمحمّد بن إسماعيل النيسابوري ـ وهمدان ـ كمحمّد بن عليّ بن إبراهيم الهمداني ـ وغيرهما.
رحلته العلميّة في طلب الحديث
41