شما در حال مشاهده نسخه آرشیو می باشید.

المبحث الثاني بغداد سياسيّاً وفكريّاً في عصر الكليني‌

<
>

وأمّا في عهد المستعين بالله ٢٤٧ ـ ٢٥٢ هـ ، غَلَب اوتامش ابن اخت بغا الكبير على التدبير والأمر والنهي [١] ، وكان المستعين العوبة بيد وصيف ، وبغا الكبير ، ثمّ خلعوه ، وبايعوا المعتزّ ، ثمّ بدا لهم قتل المستعين ، فذبحوه كما تذبح الشاة ، وحملوا رأسه إلى المعتزّ [٢]. وكذا المعتزّ ٢٥٢ ـ ٢٥٥ هـ ، فقد غُلِب على الأمر في عهده ، وتفرّد بالتدبير صالح بن وصيف ، وهو الذي خلع المعتزّ وقتله حيث أمر الأتراك بالهجوم عليه [٣].

خامساً ـ تدخّل الأتراك في سياسة الدولة وتحكّمهم في مصير العبّاسيّين :

من الامور البارزة في تاريخ هذا العصر ظهور العنصر التركي وسيطرته على مقاليد الامور ، الأمر الذي يعبّر لنا عن ضعف السلطة المركزيّة وتدهورها ؛ لانشغالهم بلهوهم ومجونهم ، بحيث نتج عن هذا سيطرة الأتراك على الدولة وتدخّلهم المباشر في رسم سياستها ، ويرجع تاريخ تدخّلهم في ذلك إلى عهد المعتصم ٢١٨ ـ ٢٢٧ هـ ؛ لأنّه أوّل من جلبهم إلى الديوان ، ثمّ صار جلّ اعتماده عليهم في توطيد حكمه ، فانخرطوا في صفوف الجيش ، وترقّوا إلى الرتب والمناصب العالية ، فقويت شوكتهم إلى أن تفرّدوا بالأمر غير تاركين لسادتهم الخلفاء سوى سلطة اسميّة ، وأصبح الخليفة كالأسير بيد حرسه.

وقد عانى بنو العباس من العنصر التركي وبال ماجنته أيديهم ، وذاقوا منهم الأمرَّين ، حتّى صار أمر البلاد بأيديهم يقتلون ويعزلون وينصبون من شاؤوا.

وأمّا المهتدي ٢٥٥ ـ ٢٥٦ هـ فقد خلعه الأتراك وهجموا على عسكره ، فأسروه وقتلوه. وأمّا المقتدر ٢٩٥ ـ ٣٢٠ هـ فقد بايعه الأتراك وعزلوه ، ثمّ أعادوه أكثر من مرّة.

وأما القاهر بالله ٣٢٠ ـ ٣٢٢ هـ فسرعان ما خلعوه من السلطة ، وسملوا عينيه بمسمار محمي حتّى سالتا على خدّيه. وكذا الراضي ٣٢٢ ـ ٣٢٩ هـ ومن جاء بعده كالمتّقي ٣٢٩ ـ ٣٣٣ هـ ، والمستكفي ٣٣٣ ـ ٣٣٤ هـ الذي دخل البويهيّون في زمانه إلى بغداد ، حيث سملت أعينهم جميعاً.

26