6 - و هل يعتبر الدخول في الغير؟
بيد ان المضي عن الشيء يختلف محققه باختلاف كون الشك في أصل وجود الشيء أو في صحته، فمتى ما كان الشك في أصل وجود الشيء فالمضي عنه لا يتحقق إلا بالانتقال الى الجزء المتأخر عنه، إذ ما دام أصل وجود الشيء مشكوكا فكيف يصدق المضي عن الشيء؟ انه لا يصدق إلا باعتبار المضي عن محله- و إلا فالمضي عنه نفسه لا يمكن صدقه ما دام أصل وجوده مشكوكا- و المضي عن محل الجزء لا يتحقق إلا بالدخول في الجزء اللاحق.
و من هنا اعتبر في قاعدة التجاوز- أي عند الشك في أصل تحقق الجزء- الدخول في الجزء اللاحق.
ان اعتبار ذلك ليس لاعتبار الدخول في الجزء اللاحق بعنوانه بل لكون ذلك طريقا لتحقق المضي.
هذا في قاعدة التجاوز.
و اما بالنسبة الى قاعدة الفراغ- أي الشك في صحة الشيء المتحقق سواء كان جزءا أم لا- فبما ان الشيء المشكوك صحته يتيقن بوجوده فالمضي عنه لا يتوقف صدقه على الدخول في جزء لاحق بل بالانتهاء عنه يصدق المضي.
و الخلاصة: ان الشارع ألغى الشك بعد المضي عن الشيء و لم يعتبر في إلغاء الشك سوى المضي عن الشيء، إلا ان تحقق المضي عن الشيء يختلف باختلاف كون الشك في أصل الوجود و كونه في صحة الشيء الموجود، فعدم الاعتناء بالشك في أصل الوجود يشترط فيه الدخول في الجزء اللاحق، لأنّه لا يصدق المضي إلا بذلك، بينما عدم الاعتناء بالشك في صحة الموجود لا يلزم فيه ذلك لصدق
55