(بحث روائي) وجوه الكفر
(بحث روائي) [وجوه الكفر.]
في الكافي، عن الزبيري عن الصادق (ع) قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز و جل، قال: الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه، فمنها كفر الجحود، و الجحود على وجهين، و الكفر بترك ما أمر الله، و كفر البراءة، و كفر النعم. فأما كفر الجحود فهو الجحود بالربوبية- و هو قول من يقول: لا رب و لا جنة و لا نار، و هو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم الدهرية- و هم الذين يقولون و ما يهلكنا إلا الدهر- و هو دين وضعوه لأنفسهم بالاستحسان منهم- و لا تحقيق لشيء مما يقولون: قال عز و جل: إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ، أن ذلك كما يقولون، و قال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا- سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ، يعني بتوحيد الله، فهذا أحد وجوه الكفر-.
و أما الوجه الآخر فهو الجحود على معرفة، و هو أن يجحد الجاحد و هو يعلم أنه حق قد استقر عنده، و قد قال الله عز و جل: «وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا»، و قال الله عز و جل: وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا- فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ- فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ، فهذا تفسير وجهي الجحود، و الوجه الثالث من الكفر كفر النعم- و ذلك قوله سبحانه يحكي قول سليمان: هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ- وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ- وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ، و قال:
لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ- وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ، و قال: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ.
و الوجه الرابع من الكفر ترك ما أمر الله عز و جل به، و هو قول عز و جل: «وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ- وَ لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ- ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ- ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ- وَ تُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ- تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ- وَ إِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ- وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ- أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ»، فكفرهم بترك ما أمر الله عز و جل به- و نسبهم إلى الإيمان و لم يقبله منهم و لم ينفعهم عنده- فقال: فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ
53